بما أن الصبر ليس فضيلة فطرية عند البشر,فينبغي تعليم الأطفال فن الانتظار عندما يريدون فعل
شيء ما أو رؤية شيء ما أو أكل أو لمس سماع شيء ما.لعلكم تعرفون أكثر بكثير من طفلكم
ما هو جيد وما هو غير جيد له,وأنتم اكثر صلاحية منه لتقرير متى يمكنه أن يفعل شيئاً,وماهو
الشيء الذي عليه أن يفعله.ومع قيامكم بهذا الاشراف,اشرحوا لطفلكم متى وكيف يمكنه
الحصول على مايريد.أفهموه أن الصبر مفيد لكم أنتم ايضاً.أسمعوه كلاماً من نوع:"لاأطيق صبراً
حتى اشتري غرفة الطعام الجديدة,ولكنني اعلم أن بإمكاني شراءها قريباً لو بذلت جهوداً في
توفير المال",أو من نوع:"اعرف أنك تريد أن تأكل عجينة الحلوى,ولكن إذا انتظرت حتى
اخبزها,فإنك ستحصل على كمية أكبر من الحلوى".طفلكم يكتشف شيئاً فشيئاً أن العالم لايدور
دائماً حول رغباته.إلا أن الوقت ليس مبكراً جداً لكي يتعلم مواجهة هذا الواقع الذي غالباً ما يكون
محبطاً في الحياة.
الإجراءات الوقائية
اقترحوا على طفلكم مجموعة من النشاطات
حددوا لطفلكم الشروط ليفعل مايريد واقترحوا عليه نشاطات يمكنه القيام بها بانتظار تنفيذ نشاط
آخر.يمكنكم مثلاً أن تقولوا له:"بعد ان تلعب بقضبانك مدة خمس دقائق,سنذهب لزيارة جدتك".
الحلول
شجعوه على الصبر :
كافئوا طفلكم على أقل قدر من الصبر وهنئوه عندما يثبت أنه صبور أو عندما يقوم بتنفيذ مهمة
ما.اشرحوا له مثلاً ماتعنيه كلمة "صبر" إذا شعرتم بأنها غير مألوفة لديه.قولوا لطفلتكم مثلاً :"لقد
كنت صبورة عندما انتظرت حتى انتهي من تنظيف المجلى قبل أن أعطيك كأساً من عصير
الفاكهة,هذا يثبت أنك شابة لطيفة".هكذا تستطيعون أن تجعلوا طفكم يكتشف أنه قادر على
تأجيل إشباع رغباته,حتى وإن كان لايعرف ذلك بعد.فضلاً عن ذلك,يؤدي استحسانكم لما يفعله
الى زيادة عنفوانه.
حافظوا على هدوئكم قدر الإمكان
إذا رفض طفلكم الانتظار او احتج لأنه لايستطيع فرض إرادته,فتذكروا أنه يتعلم درساً ثميناً من
دروس الحياة هو فن الصبر.فعندما يلاحظ طفلكم أنكم تصبرون,يتعلم بسرعة أن الطلب لايحقق
الرغبات بالسرعة نفسها التي يحققها إنجاز العمل بنفسه.
اجعلوا طفلكم يشارك في تحقيق رغباته –
إذا صرخ طفلكم قائلاً:"أريد ان أذهب,أريد أن أذهب,أريد أن أذهب",لزيارة جدته مثلاً,كرروا على
مسمعه الشروط المطلوبة سلفاً قبل أن تلبوا طلبه.فبذلك تزيدون فرص تنفيذ المهمة التي
تنتظرون منه تنفيذها.اذكروا له تلك الشروط بطريقة إيجابية كأن تقولوا له:"عندما تفرغ من ترتيب
كتبك على الرف,سنذهب لزيارة جدتك".
تجنبوا الرد على رغبات طفلكم بكلمة "لا" قاطعة
اشرحوا له كيفية التصرف للحصول على مايريد (إذا كان ما يريده ممكناً ولاينطوي على أي
خطر),بدلاً من أن تعطوه الانطباع بأنه لن يحصل مطلقاً على مايريد.قولوا له مثلاً:"عندما تنتهي
من غسل يديك,ستحصل على تفاحة".صحيح أن ثمة مواقف يكون عليكم فيها أن تقولوا "لا"
لطفلكم (عندما يصر على اللعب بجزازة العشب مثلاً),اقترحوا عليه في هذه الحالة لعبة أخرى
تشبع رغباته وتعلمهوفي الوقت نفسه,أن يقبل التسويات وأن يبقى مرناً.
ماينبغي تجنبه
لاتطلبوا من طفلكم أن ينصاع على الفور
إذا طلبتم أن ينصاع لكم فوراً,فإنكم تعززون لديه فكرة أن بإمكانه أن يفرض إرادته حالاً تماماً كما
تسعون الى فرض إرادتكم.
لاتكافئوه على عدم الصبر
لاترضخوا لرغبات طفلكم في كل مرة يسعى فيها الى الإصرار على مايريد فعله.مع أنه من
المغري بالنسبة لكم أن تؤجلوا ما تقومون به لكي تتمكنوا من تلبية رغبة طفلكم لتتجنبوا معركة
أو أزمة معه,فإن الرضوخ لمتطلباته يعلمه فقط ألا يكون صبوراً ويزيد من احتمالات أن يحاول دائماً
فرض إرادته على الفور.
اجعلوه يفهم أنكم لم تستجيبوا له لأنه ألح على مايريد
حتى لو تمنع طفلكم عن الانتظار,اجعلوه يفهم بشكل واضح أنكم تصعدون في السيارة لأنكم
أنهيتم عملكم وأصبحتم مستعدين للانطلاق,لا لأنه تذمر طيلة الوقت من أجل الخروج.قولي
له:"انتهيت من غسل الأواني ويمكننا الآن أن نذهب".
|
الضرب البدني والشفوي له آثار نفسية عميقة:هناك قصّة كلاسيكية حول أم آمنت بالضرب كجزء ضروري من الانضباط حتى شاهدت في احد الأيام ابنتها التي تبلغ من العمر خمسة سنوات تضرب أخاها الصغير، وعندما واجهتها، قالت الطفلة بكل براءة، "أَنا أَلعب دور ماما فقط." وبالطبع لم تضرب هذه الأم طفلا في حياتها بعد ذلك.
يحب الأطفال التَقليد، خصوصاً تقليد الأشخاص الذين يحبونهم ويحترمونهم. ويعتبرون بأنه لا بأس من القيام بما يقوم به. فتذكروا أيها الآباء أنكم تنشئون أطفالا ليكونوا زوجات وأزواج، أباء وأمهات لأحفادكم. وعلى الأرجح أن نفس تقنيات الانضباط التي تَستخدمها مع أطفالك هي على الأغلب التي سيستعملها في مواصلة حياته. إنّ العائلةَ تعتبر مخيم تدريب لتعليم الأطفال كَيف يعالجون النزاعات. حيث أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يأتون من عائلات عدوانية هم على الأرجح الأكثر ميلا لضرب أطفالهم.
تقول بعض الأمهات، "ولكنني لا أضرب أطفالي بشدة أو بشكل دائم،وغالبا ما أحضنهم وأداعبهم" . ولكن ما لا تعرفه هذه السيدات هو أن أغلب الأطفال لا يتذكرون الرسائل اللطيفة ولكنهم لن ينسوا الضرب.
يظهر استعمالك للعقاب البدني بأنه من الطبيعي التنفيس عن غضبك بضرب الآخرينِ. لهذا فأن شكل وتصرف الوالد أثناء عملية الضرب يترك انطباعا مؤثرا لدى الطفل كالضرب تماما. كيف تسيطر على غضبك هو أحد الأشياء الصعبة التي يجب أن تعلمها للطفل. ولعل من أهم شروط ضرب الطفل عدم ضربه وأنت غاضب، ولو تقيد الآباء بهذه القاعدة فقط لتوقف عن ضرب الطفل لأن الإنسان الهادئ يفكر بمنطق أكثر من الإنسان من الغاضب.
"الضرب" الشفوي والعاطفي
لا يعتبر الضرب البدني الطريق الوحيد لتجاوز الخط إلى سوء المعاملة. فكل الآثار السلبية التي نعرفها عن العقاب البدني ترتبط أيضا بالعقاب العاطفي أو الشفوي أيضاً. وفي الحقيقة يمكن أن يسبب الشتم، والسباب، وتقليل احترام الذات، والتهديد أذى نفسياً أكثر وأعمق من الضرب البدني.
فسوء المعاملة العاطفية يمكن أن يجعل الطفل غير واثق من نفسه، ضعيفا، وهشاً، ومشوشاً. ومن أقسى أنواع العقاب العاطفي التهديد بالتخلي عن الطفل (إذا لم تتناول طعامك سأترك الرجل المخيف يأخذك، أو سأدع كلب الجيران يعضك). إن استعمال أسلوب التهديد لإجبار الطفل على التَعاون يمكن أن يترك أثرا عميقا على نفسيته، ويحقق أشد مخاوفه وهو أن تتركه يصاب بالأذى سواء من كلب الجيران أو الرجل المخيف أو الغول. وفي أغلب الأحيان يترجم الطفل رسائل التهديد بأنك لا تحبه ولا تهتم لأمره، لذا توقف عن استعمال عبارات مثل لا لأريد أن لأتحدث معك، أنا لا احبك لأنك لا تقوم بوظيفتك، سأترك اللص يسرقك، لان هذه العبارات تشوش أفكار الطفل، وتترك آثار لا يزول أبدا من ذاكرته.
2. الضرب يقلل من احترام الطفل لذاته:
تبدأ صورة الطفل الذاتية بالتطور من نظرة الآخرين له - خصوصاً أبويه – وحتى في أكثر البيوت المحبة، يرسل الضرب رسالة مشوشة للطفل ، خصوصاً الطفل الصغير جداً ليفهم سبب ضربه. يقضي الآباء الكثير من الوقت في تعزيز أحساس الطفل بوجوده وأهميته، ثم يكسر الطفل كوبا فيتلقى صفعة ويفكر "لا بد أنني سيئ".
صفع الأيدي:
كما يغريك ضرب هذه الأيدي الصغير الجريئة التي تمتد أحيانا إلى أماكن لا يجب أن تصل إليها. تقول ماريا مونتيسوري، أحدى الناشطة لمنع الضرب على الأيدي، بان اليد هي الأداة التي تساعد الطفل على اكتشاف محيطه، وتشبع غريزته في المعرفة. في حين أن ضربها يعطي الطفل رسالة سلبية. في دراسة على أطفال بعمر 16 شهر ، طلب من أمهات بعض الأطفال أن يقوموا بضرب الأطفال الذين يمدون أيديهم إلى لعبة غير مسموح لهم بالاقتراب منها ن بينما طلب من مجموعة أخرى من الأمهات عدم ضرب الأطفال. وبعد سبعة أشهر من المتابعة، تبين أن الأطفال الذي تلقوا صفعة على يديهم لم يطوروا مهارات للمعرفة والاكتشاف مقارنة مع أقرانهم الذين لم يتلقوا صفعة على اليد.
3. الآباء الذين يضربون يشعرون بقلة احترام أنفسهم:
غالبا ما يسيطر شعور بالذنب على الآباء الذين يضربون أطفالهم، لأنهم من الداخل يشعرون بأنهم ارتكبوا أمرا سيئا لتحقيق الانضباط. فهم يلجئون للضرب أو الصراخ لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون، وبعد ذلك يشعرون بأنهم قاموا بشيء سيئ. فالآباء يريدون أن يحصلوا على الاحترام والحب من أطفالهم، لا الخوف.
4. الضرب يؤدي إلى سوء المعاملة:
عندما يتصاعد العقاب، فأنه يؤدي إلى سوء المعاملة، فماذا بعد صفع اليد؟ أين يقف مسلسل الضرب والصراخ؟ قد تزداد شدة الصفعة، ثم يتغير مكانها، وتتكرر الصفعات، وإذا بك تضرب الطفل بشكل مبرح ومؤذي. أن الضرب واستعمال العنف مع الأطفال يجعلك تفقد أعصابك، فتجد نفسك قد تحولت من والد حنون إلى وحش مفترس، وكأنك دخلت في شخصية أخرى غير تلك التي يعرفها الطفل، وبالتالي تفقد جزءا كبير من إنسانيتك، بينما يفقد الطفل الكثير من ثقته بنفسه، واحترامه لذاته، وحتى احترامه لك.
5. الضرب لا يحسن السلوك:
وجدت العديد من الدراسات أن الأطفال الذين يتلقون الضرب غالبا ما يكررون الأخطاء لأنهم لم يستفيدوا من التجربة التي قطعها الضرب. بينما لا يشكل الضرب أي رادع حقيقي، وإنما حاجز مؤقت يزول بزوال المسبب (الوالدين)،
فعندما يخرجان أو يذهبان يكرر الطفل السلوك الذي تلقى الضرب عليه. ولأن الضرب والصراخ أسرع واقصر الطرق للوالدين، فأن تأثيره سريع وقصير أيضا، بينما إيقاف الضرب والبحث عن بدائل أخرى قد يساهم في التوصل إلى طرق أكثر فعالية. يمكنك استشارة أخصائي التربية الحديثة لمعرفة المزيد.
|